Sunday 20 January 2013

التعليق الرياضي العراقي...دور توضيحي أم خطاب تعبئة؟



19\1\2013
د.هێژا السندي
باحث وأستاذ جامعي

لن أكذب اذا قلت أنني لست من متابعي كرة القدم لا الوطنية منها ولا غير الوطنية. لكنني كغيري من اللامتابعين نبالي بالامر اذا أمست لعبة كرة القدم أهتماما جماهيريا غيرقليل كما في نهائيات كأس خليجي 21.
و لعل الاهم من ذلك كله لمتابع من نوعي وأنا فقير التجربة الرياضية أن أعوّل على معلق المباراة وهو يوضح لي ولغيري ما لايمكن لنا أن نفهمه أو أن نراه كوننا نشاهد اللعبة عبر التلفاز، فنحن لسنا مثل من هو في الملعب، يشاهد الحدث بشماله و جنوبه و من شرقه الى غربه.
و لم يمض زمن طويل على بدأ لعبة النهائي بين العراق والاماراتي (الشقيق) و التي نقلت مباشرة عبر تلفزيون العراقية مشكورة عندما بدأت صور من (صور من المعركة) تأخذني معها الى مشاهد عسكرية و فنون القتال عندما بدأ المعلق وهو منفعل وتدفعه (الغيرة العراقية) لاستخدام تعابير "الكتيبة العراقية" ضد "كتيبة مهدي علي" وطبعا مهدي علي هو المدرب الامارتي ثم وجاء "هدف الصحوة" و مرورا ب "مباراة النار". لكن معلقنا لم يكن بأمكانه أن يكظم غيضه فأنهال على أشقاءه في الوطن وأقصد هنا الوطن العربي بالدعاء عندما جاء الهدف العراقي الثاني و هو ينادي "الحناجر الامارتية توقفت" و بدأ "زئير الاسد العراقي" ثم "اخرَس الجماهير الامارتية" و يقصد به صاحب الهدف العراقي!
 لكن الهدف الاماراتي الثاني لم يكن الا الزيت الذي تم صبه على نار(المعركة) اذ تلاها أخينا المعلق الرياضي بتطبيقات لنظرية المؤامرة محللا: "اخوة يوسف تعاضدوا و تساندوا على العرق" و ذلك اشارة الى أن هنالك مؤامرة من قبل المنظمين للمبارة وكذلك من قبل الحكم السعودي على الفريق العراقي.
و أسترجعت بي الذاكرة الى مادة القيادة التي درستها و أنا طالب ولازلت أدرِسُها و أنا مدرس في الجامعة اليوم و كيف أن تبعات خطاب القائد على الناس هي مسالة في غاية الحساسية، واذا بمعلقنا الرياضي وهو يخاطب الملايين من الناس اليوم يغزو المنظومة القيمية لي و لمن حولي عنوة فقط لكونه بطريقة ما ركب الاثيرفدخل الى تلفازي وتلفازالملايين مثلي فاذا به يناقض كل جهود التمدن و الدمقرطة وتحقيق حقوق الاخرين في 90 دقيقة وكأني به هذه المرة يتحول من قائد في الميدان الى مجتهد داعية وهو يدعوا قائلا "أتمنى أن تحزن الجماهير الامارتية" و "أجرم *الغامدي...اللهم لاتوفق الغامدي... اللهم لاتوفق كل من ساهم بخسارة منتخبنا".
أنني هنا لا أستبعد أية محاولة للفوز بالكأس من قبل المتنافس و لعل ما قرأناه عن كيفية التعامل مع الجمهور العراقي دليل على ما نقوله. لكن و من باب المسؤولية الاجتماعية أجد من الضروري الوقوف على طبيعة التعليق الرياضي بشكل عام و العراقي بشكل خاص و محتواه وطريقة القاءه اذ أن رقعة المتلقين ليست بالقليلة ولا يستبعد ان يكون لتعليق من هذا النوع أثاره القيمية والسلوكية على الاخرين بالاخص شريحة الشباب منهم والتي تتابع الحدث الرياضي بشغف.
 أخيرا، اذا قمت بصياغة كل ما قلته اعلاه بسؤال فسيكون كالاتي: ترى لماذا تحول التعليق الرياضي الذي كنا نتمتع به ايام الاستاذ مؤيد البدري الى خطاب تعبئة سياسية وعسكرية ودينية؟ سؤال سأتركه للباحثين المتخصصين.
 
*الغامدي: حكم المبارة بين العراق والامارات في نهائي خليجي 21 و و هو من أصل سعودي