Thursday 7 February 2013

مناقشات الموازنة العامة... حروب علمية بالوكالة!


د.هێژا سندي
کاتب و باحث أكاديمي

في كل عام ننتظرنحن المواطنون نتائج مناقشات الموازنة العامة كي نتلمس مشارف مرحلة أخرى من مسيرة التنمية و التقدم. لكن البعض منا وبحكم التخصص يتابع بشكل تفصيلي مايطرح من وجهات نظرفي المالية والاقتصاد ممثلة بالارقام والمبالغ وما يتبع عن الاخيرتين من أثار في الادارة و الحكم الرشيد.
ويمتد ماراثون السجالات والجدال بين أعضاء البرلمان في الايام الماضية وهم يرشقون بعضهم البعض وأقصد أعضاء الكتل المختلفة بالتوجهات الاقتصادية المتباينة عند قراءتهم للتقاريرالتي بين أيديهم. فذاك الذي يداعي بالسوق الحروتقليل دورالدولة يعقبه اَخروهو ينتقد الاهتمام المتزايد بالجانب الامني في الموازنة أو تلكم التي تدافع عن الاشتراكية ومدى تدخل الدولة في السوق مرورا بالتوجه غير المبررفيه لحساب "مصاريف أخرى"، ليجعلنا كل ذلك أمام أجتهادات متضاربة وكأننا نستمع الى مناقشات لبحوث اكاديمية في الجامعة مع فارق بسيط وهوعدم وجود لجنة أمتحانية تفصح لنا عن ماهية الجواب الصحيح.
 و لعل حدة المناقشات باتت في الايام الاخيرة تعدو كونها نتاجات علمية لباحثين في الجامعة أو تجارب موظفين قدامى أو مشورات الخبراء الى كونها ملخصات لما يسمى "بغرف البحوث" لبعض الاطراف السياسية والتي تطرح أتجاهات وطروحات عن طريق وكلاءها في البرلمان اذ تحاول بذلك أثبات فرضية مفادها ان معدي الموازنة، و يقصد بها هنا الحكومة ممثلة بالوزارات المعنية هم على خطأ في توجهاتهم التخطيطية كنتيجة لرصد تخصيصات مالية غيرعقلانية للقطاعات المختلفة. ثم يأتي ما يشد الانتباه أكثر فأكثر الى هذه الدراما وهي جولة رد الحكومة على البرلمان وهنا يلاحظ أطقم الاداريين يتقدمهم الوزير وقد أعدو العدة للدفاع عن توجهات الموازنة ومشاريعها التي أعدت من قبلهم والتي هي في الحقيقة أنعكاسات لوجهات نظرعلمية أخرى.
و يبقي المواطن ليعيش حالة من الحيرة أزاء ماهية الصيغة الصحيحة الحقة التي يجب أن تكون عليها الموازنة بحيث تساهم الاخيرة في تحقيق عيش كريم له بعيداعن الحروب العلمية بالوكالة "........................، حروب لصالح أطراف سياسية مختلفة، اذ لاشك أن تلكم الصيغة هي حقيقة ممكنة، فمن قال أن على المواطن أن يقبل بكل الاراء والاجتهادت المتضاربة كي تنتهي متوجة بتصويت يشوبه شك أبدي بعدم اليقين؟
أن النزوح نحو أقرار الموازنة يجب أن يكون نتيجة لعملية تظافرية تتصف بالموضوعية والرشدانية قائمةعلى أجتهادات مجازة من قبل المتخصصين, أجتهادات تعتمد منهج المحاكاة لتجارب ناجحة يتم تكييفها كي تنسجم ومعطيات واقعنا، وليس على أجتهادات فردية أوغيرحرفية مبناةعلى فلسفة التجربة والخطأ في أحسن الاحوال أوعلى أجندات سياسية ضيقة في أسوأها.
نقترح أن يتم تبنى اَليات مساندة في عملية أقرارالموازنة في المستقبل من قبل البرلمان وذلك من خلال الالتجاء بمؤسسات بحثية مستقلة يشهد لها بالحيادية العلمية، اذ تطلب لجان المالية والاقتصاد مثال لجنة الحسابات العامة في برلمانات المانيا أوالمملكة المتحدة أوأستراليا من هذه المؤسسات اعداد تقارير ودراسات تساهم في تنضيج عملية الاقرار.علينا أن نجعل من كل هذه الممارسة أن تتصف بالمصداقية العلمية اللازمة والا، اصبح اقرارالموازنة العامة نتاج عرضي لجدل بين فرقاء تجمعهم مغالطة الاخر بدلا من أن تكون نتاجا للتكامل مع الغير.

منشورة على صفحة الحوار المتمدن في 6\يناير\2013 :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=344458